البشر ليسوا وحدهم الذين يستعرضون مهاراتهم في أوليمبياد طوكيو. خلال عطلة الأسبوع الماضي، أثناء مشاهدة مباراة كرة السلة بين فريق الولايات المتحدة وفرنسا، شاهد المشجعون في الملعب كائناً مخيفاً يبلغ طوله 7 أقدام وهو ينتقل إلى موقعه ويلتقط الكرة ويغير وضع ذراعيه ليقوم بتسديدة مثالية من ثلاث نقاط من منتصف الملعب. وقد تم تصميم الآلة للقيام بنفس الشيء مراراً وتكراراً بدقة 100%.
إنه حتى يحمل رقماً قياسياً في موسوعة جينيس للأرقام القياسية لقدرته على القيام بذلك، وإن كان عدد التسديدات أقل مما يحققه البشر.
يطلق على هذا الجهاز اسم «كيو» وهو روبوت يلعب كرة السلة باستخدام الذكاء الاصطناعي تم إنشاؤه بوساطة شركة تويوتا. قبل عامين، قامت نسخة سابقة من كيو بتسديد 2020 رمية حرة متتالية دون أي أخطاء، مسجلاً رقماً قياسياً لماكينة من هذا النوع. وفي العام الماضي، سجل 111 هدفاً خلال مسابقة للركلات الترجيحية في اليابان.
ظل المشروع طي الكتمان نسبياً منذ ذلك الحين، ويرجع ذلك في الغالب إلى الوباء، وفقاً لشركة «تويوتا». لكن يوم الأحد، خرجت نسخة من الروبوت الذي يبلغ وزنه 165 رطلاً وهو يرتدي القميص رقم 95 خلال الاستراحة. قام الروبوت بثلاث تسديدات ناجحة. لكنه بطيء نسبياً في القيام بالتسديدات، حيث يستغرق 15 ثانية للقيام بتسديدة.
وعلى تويتر، قارن المستخدمون مازحين أداء الروبوت بأداء حارس فيلاديلفيا، «بن سيمونز»، المعروف برمياته الحرة.
فكيف يفعل الروبوت ذلك؟ يحتوي «كيو» على مستشعرات في جذعه لقياس المسافة ويستخدم الذكاء الاصطناعي لقياس كيفية إدخال الكرة بسلاسة في السلة. بمجرد معرفة ذلك، يقوم الروبوت بضبط المحركات في ذراعيه لإرسال الكرة في الهواء بالزاوية الصحيحة والدفع ليسجل نقطة، أو ثلاثاً.
بدأ باحثو تويوتا العمل على الإصدار الأول في عام 2017، وقاموا بتطوير نموذج أولي عملي في غضون ستة أشهر. كانت النسخة الأولى تتطلب أن يقوم البشر بتحريكها إلى موضعها. وفاز الروبوت بركلات الترجيح ضد لاعبين محترفين من فريق ألفارك طوكيو لكرة السلة في العام التالي.
أما آخر إصدار فهو يتحرك على عجلات لتسديد الضربات. من غير الواضح أي من تحركاته يقوم بها بشكل مستقل، وما إذا كان شخص ما يوجه الروبوت إلى حيث يجب أن يذهب. ومع ذلك، فإن اسم الروبوت «كيو» يُقصد به التلميح إلى تكنولوجيا أكبر ستظهر في المستقبل.
وهو ليس الروبوت الوحيد في دورة الألعاب الأوليمبية. فقد ابتكرت شركة تويوتا أيضاً آلات لنقل الأشخاص لاستعادة الكرات في مباريات إلقاء الكرة. وكل ذلك جزء من دَفعة أوسع للذكاء الاصطناعي بدأتها شركة صناعة السيارات في عام 2015 باستثمار قدره مليار دولار. ويضع بحث الذكاء الاصطناعي نفسه للاستخدام في السيارات ذاتية القيادة والروبوتات.
بينما يتم تسليط الضوء على كيو، فإن الروبوت ليس أفضل مسدد لضربة ثلاثية النقاط عرفها العالم على الإطلاق. فقد حطم الطبيب البشري توم أمبيري الرقم القياسي العالمي للبشر، حيث قام بـ 2750 تسديدة حرة متتالية، وذلك في عام 1993 عن عمر يناهز 71 عاماً. أما تيد سانت مارتن من جاكسونفيل، فلوريدا، فقد دفع هذا الرقم إلى 5221 في عام 1996 ولا يزال يحمل الرقم القياسي حتى اليوم. وحقق آخرون عدداً من الإنجازات في تسديدات كرة السلة، بعضهم كان معصوب العينين.
لا يستطيع روبوت تويوتا أن يراوغ أو يسدد كرة السلة من أعلى إلى أسفل. لذا، لا داعي لأن يشعر لاعبو كرة السلة بالقلق بشأن استبدالهم بآلات، على الأقل ليس الآن.
ومع ذلك، فإن كيو ليس الروبوت الوحيد الذي يتحدى ما يمكن للبشر تحقيقه على لوحة النتائج.
يحمل الروبوت الذي أصدرته شركة أومرون اليابانية أرقاماً قياسية في لعبة تنس الطاولة. وأطلقت شركة بوسطن ديناميكس الإنسان الأوتوماتيكي «أطلس» الذي يمتاز بمهاراته في الجمباز. وعلى الرغم من أن لعبة جنجا ليست رياضة، إلا أن العلماء في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا صنعوا روبوتاً مثيراً للإعجاب لتحريك القطع دون اهتزاز. لسنوات، استضافت مجموعة سوفت بنك كأس الروبوتات، حيث حدثت مواجهة بين آلات تعمل بالذكاء الاصطناعي في مباراة كرة قدم.
تم تصميم المباريات لجذب انتباه الناس. تحولت الكثير من العروض إلى مقاطع فيديو منتشر بكثرة، لكنها تقوم بوظيفة أخرى أيضاً. فالروبوتات التي تعرض الرشاقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تشجع العلماء على التفوق على بعضهم البعض في المختبر. وتجذب الابتكارات الناتجة انتباه المستثمرين، مما يجعلهم على ما يبدو أكثر ميلاً لعرضها في العالم الحقيقي.
إذا كنت يوماً قد تخيلت وجود آلات تقوم بأعمالك الروتينية، أو تعتني بأحبائك أو تقود سيارتك حتى لا تضطر إلى ذلك، فإن الإنسان الآلي الذي يجذب الانتباه هو خطوة نحو تحقيق ذلك.
قال جيف بورنستين، رئيس جمعية الأتمتة المتقدمة: «إذا فكرت في المستقبل حيث تعمل الروبوتات في حياتنا اليومية، فيجب أن تكون دقيقة للغاية، ولديها رؤية رائعة، ومهارة كبيرة، وقدرة كبيرة على التنقل. لذلك عندما ترى تقدماً مثل هذا، حيث تمارس الروبوتات الرياضة، فإنك تدرك أن هذه خطوة نحو تحقيق هذا الهدف».

دالفين براون

كاتب أميركي متخصص في الابتكارات التقنية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»